بحث علمي في جامعة دمشق يقدم تصورّات عملية لكيفية إعادة بناء الاحتياطيات الأجنبية لمرحلة إعادة الإعمار

تعرف التنمية الاقتصادية بأنها الإجراءات المستدامة والمنظمة التي يتخذها صناع القرار، للمساهمة في تعزيز مستوى الحياة الاقتصادية وتلبية احتياجات المجتمع، وقد اعتمدت الأمم المتحدة على التنمية المستدامة باعتبارها مصطلح اقتصادي اجتماعي لدى وضعها خارطة التنمية بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بهدف تحسين الأوضاع المعيشية لأفراد المجتمع، وتطوير وسائل الإنتاج وأساليبه وإدارته بالطرق السليمة للحد من هدر الموارد.

 

وفي السنوات الأخيرة اتجهت الكثير من الأبحاث والدراسات العلمية بجامعة دمشق إلى معالجة قضايا تخص التنمية المستدامة في المؤسسات الاقتصادية والمالية في سورية من بينها دراسة للباحث الدكتور عبد الله قزّاز في كلية الاقتصاد بالجامعة بعنوان: "إدارة احتياطيات ومراكز القطع الأجنبي فِي القطاع المصرفي ودورها في تمويل التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار في سورية".

 

وهدفت الدراسة إلى بيان دور الاحتياطيات الأجنبية لدى مصرف سورية المركزي ومراكز القطع الأجنبي لدى القطاع المصرفي في تمويل التنمية الاقتصادية وعمليات إعادة الإعمار في سورية، وتقديم تصورّات عملية لكيفية إعادة بناء الاحتياطيات الأجنبية وكذلك تقديم رؤى وأفكار قابلة للتطبيق لمرحلة إعادة الإعمار في سورية.

 

 واعتمد الباحث في دراسته على مناقشة ودراسة الاحتياطيات الأجنبية ومكوناتها في المصارف المركزية، وأسباب تكوينها، وأساليب إدارة عوائد ومخاطر الأصول الأجنبية، وتراكمها، وتحديد الحجم الأمثل منها، واستراتيجيات إدارة الأصول الأجنبية، وتضمنت الدراسة تجارب بعض الدول في مجال إدارة الاحتياطيات الأجنبية.

 

وناقش الباحث في بحثه عدد من المؤشرات الاقتصادية الواردة في الدراسة، تمثلت بالناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتراكم رأس المال الثابت، والإنفاق الاستثماري، وصافي رصيد ميزان المدفوعات، بعد التطرّق إلى مفاهيم التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي، ومن ثمّ تحليل واقع الاقتصاد السوري خلال الفترة المدروسة وتفسير التغيرات التي طرأت على بيانات الاقتصاد السوري.

 

واعتمد الباحث في الدراسة الإحصائية على برنامج (E-views10) للبيانات السنوية المدروسة خلال الفترة /2000-2018/ بالنسبة للاحتياطيات الأجنبية باستخدام نموذج مقدّر على أساس طريقة مربعات الانحدار الصغرى OLS، والبيانات السنوية خلال الفترة /2011-2018/ بالنسبة لمراكز القطع التشغيلي للمصارف الخاصة والإسلاميّة عن طريق تطبيق نموذج “PANEL-ARDL”.

 

وتوصل الباحث من خلال الدراسة الإحصائية التي تضمنها بحثه إلى وجود أثر معنوي إيجابي للاحتياطيات الأجنبية في كل من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتراكم رأس المال الثابت، والإنفاق الاستثماري، وصافي رصيد ميزان المدفوعات.

 

وبناءً على ذلك أشار الباحث إلى وجود أثر معنوي إيجابي على المدى طويل الأجل لمراكز القطع التشغيلي في كلٍّ من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتراكم رأس المال الثابت، والإنفاق الاستثماري، إلّا أنَّ الأثر كان معنوياً سلبياً لمراكز القطع التشغيلي في صافي رصيد ميزان المدفوعات.

 

وقد قدرّ الباحث كلفة إعادة إعمار الوحدات السكنية المدمرة بـ /24.5/ مليار دولار أمريكي بالاعتماد على بيانات عن الوحدات السكنية المدمرة من البنك الدولي.

 

وبيّن الباحث أنّ مصرف سورية المركزي تمكّن على الرغم من امتداد الأزمة وعمق أثرها على الاقتصاد الوطني من ابتكار آليات تساهم في تجاوز الصعوبات الناشئة عن انخفاض موارد القطع الأجنبي اللازم لاستمرار النشاط الاقتصادي والحفاظ على استقرار سعر الصرف قدر المستطاع عبر تدابير وإجراءات تسهم بتأمين مصدر مستمر للقطع الأجنبي لاستخدامه في أغراض تمويل العمليات التجارية وغير التجارية عن طريق عدة وسائل.

 

وتطرق الباحث في دراسته الى الوسائل التي اتبعها المصرف لتأمين مصدر مستمر للقطع الأجنبي ومنها: استخدام حصيلة الحوالات في تأمين مصدر دائم ومستمر من القطع الأجنبي اللازم، وإلزام جميع المصدرين بتنظيم تعهد بإعادة قطع التصدير للبضائع المراد تصديرها، والتدخّل المباشر في سوق القطع الأجنبي عبر بيع القطع الأجنبي في السوق المحلية، وكذلك طرح مزادات علنية لبيع القطع الأجنبي للمصارف وشركات الصرافة.

 

 كما تضمنت هذه الوسائل تنظيم سوق القطع الأجنبي من خلال وضع ضوابط عمليات البيع والشراء وتنفيذ الحوالات لدى المصارف وشركات الصرافة، وإعادة ضبط وتنظيم عمليات الاستيراد وتمويلها للمواد والسلع بحسب أولويتها وضرورتها للاقتصاد الوطني، مع تشديد الرقابة والمتابعة على تدفق السلع بما يضمن توجيه القطع الأجنبي المباع نحو الاستيراد الذي يدعم العرض السلعي ، وكذلك الرقابة المشددة على الأطراف المشاركة في السوق عبر إجراءات مصرف سورية المركزي التدخّلية والرقابية المستمرة والفعالة، إلى جانب دور هيئة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.



عداد الزوار / 779004324 /