دراسة علمية حول تقديم خدمات الصحة النفسية عن بعد لمتضرري الكوارث

 

دمر الزلزال الذي ضرب سورية شباط الماضي العديد من المباني والبنى التحتية، تاركاً الكثير من الأفراد دون مأوى، وغالباً ما تؤدي الصدمة النفسية الناجمة عن الزلزال إلى الإضرار بالصحة النفسية للسكان المتضرّرين. إضافة إلى صغر نطاق الدعم النفسي المتاح من خلال المنظمات المتخصّصة، ولم يكن تطبيق تداخلات الصحة النفسية عن بُعد متاحاً في سورية.

ومن هنا ولدت فكرة الدراسة التي أجرتها طالبة الدراسات العليا من كلية الطب البشري بجامعة دمشق بعنوان:"الدعم النفسي الافتراضي خلال تداعيات الزلزال ٢٠٢٣" والتي استهدفت تعزيز إمكانية تقديم خدمات الصحة النفسية الافتراضية للأفراد المتضررين من الزلزال، وتذليل العقبات الرئيسية (صعوبة الوصول جسدياً إلى السكان المتضررين ، ونقص العاملين المؤهلين في مجال الرعاية الصحية، والتكاليف المالية، والوصمة الاجتماعية المرتبطة بزيارة أخصائي الصحة النفسية) والسماح لهم باختيار العلاج والمعالج، ذكراً  كان أم أنثى، طبيباً أو مستشاراً، والوقت الأكثر ملائمة لهم.
وتكمن خصوصية الدراسة في قيام فريق تطوّعي من الأطباء النفسيين والأطباء العامّين والمعالجين النفسيين بإطلاق عيادة نفسية افتراضية (الكترونية)، مع تقديم خدمات الدعم النفسي المجانية باللغة العربية للمتضررين من الزلزال مع توفير خدمات الانترنت والهاتف بسرعة لمراكز الإيواء بحيث تمكّن الأشخاص المتضررين من حجز مواعيد على منصة حديثة مجانية خاصة بالصحة النفسية متاحة للجميع.

وقدم الفريق التطوعي الرعاية والمتابعة، والعلاج للاضطرابات النفسية، وفقاً لتوصيات الشبكة الأوروبية للشدّة الناجمة عن الصدمة الخاصة بالرعاية النفسية بعد الكوارث والحوادث الكبرى، كما خضع الأطباء المتطوعين لعملية تقييم الكفاءة من خلال المقابلات مع الأطباء النفسيين الأساسيين للفريق التطوعي.
وكانت كل جلسة تتم عبر مكالمات WhatsApp لحوالي 30 دقيقة وتم تعديل الموقع بعد تلقي تقييمات راجعة واسعة النطاق، بحيث سُمح للمستفيدين باختيار مستشارهم النفسي وجدولة جلساتهم باستخدام رسائل البريد الإلكتروني، وإطالة الجلسة حتى 60 دقيقة.

وتوصلت الدراسة الى عدة نتائج، منها إمكانية توفير الدعم النفسي الفوري عبر الإنترنت في حال كانت إمكانية الوصول محدودة إلى المناطق المتضررة بالكوارث، وذلك بدلاً من انتظار توفر الظروف المادية الضرورية لتنفيذ التداخلات النفسية وجهاً لوجه.

ووفقاً للنتائج تمكّنت المبادرة من مساعدة الأفراد في مختلف الأعمار للتعبير عن مخاوفهم وإيجاد مساحة آمنة لهم، وتعزيز السلوك والتفكير الإيجابي، وتخفيف أعراض نوبات الهلع والقلق والاكتئاب والأرق واضطرابات ما بعد الصدمة.

يذكر بأن الدراسة نشرت ضمن مجلة The Lancet Psychiatry المعروفة عالمياً، والمصنفة الأولى في مجال الطب النفسي الحيوي وفق قاعدة بيانات سكوبس.

 



عداد الزوار / 779002718 /