دراسة تحليلية نقدية لحي الأمين بمدينة دمشق حول نشأة الحي الثقافي وتطوره من وجهة نظر الفنانين والسكان .

يعد استخدام الثقافة والفن كمصدر للتنمية والتجديد الحضري من استراتيجيات التجديد الحضري ، وتحاول العديد من المدن في الوقت الحالي تحفيز وتشجيع مواطنيها من خلال تعزيز الإبداع في الفنون والثقافة وتشجيع الابتكار في مختلف المجالات لإنعاش اقتصاداتها.

 

 وفي الحدود الخارجية للفن والثقافة، توجد دورة كاملة وسلسلة من الأنشطة الاقتصادية، تسمى الصناعات الإبداعية، والتي تهتم بإنشاء المحتوى الثقافي، بعد أن أصبحت الثقافة عامل جذب رئيسي للسياحة الحضرية ، ويعتبر إنشاء الأحياء الثقافية بمثابة استراتيجية حضرية للكشف عن خصائص الهوية المحلية وتحسين صورة المدينة. و من شأن هذه الآلية أن تشجع التنمية الاقتصادية وتساعد على خلق وجهات سياحية جديدة.

 

وفي كلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق تناولت دراسة بحثية حي الأمين بمدينة دمشق القديمة، وقدمت تحليلاً نقدياً لعملية تحول الحي الثقافي داخل المدينة القديمة، وتهدف الدراسة إلى إبراز نشأة الحي وتطوره من وجهة نظر الفنانين والسكان، ودراسة الآثار المكانية والاجتماعية والاقتصادية التي أحدثها حي الفنانين في المنطقة و تقييم التغيرات التي طرأت على البيوت التقليدية نتيجة تغير وظيفتها.

 

 وتوضح الدراسة بأن عملية تحول الحي الثقافي الذي تم تطويره في حي الأمين التاريخي داخل مدينة دمشق القديمة عام 2006، انتقل اليه ما بين 25 إلى 30 فنان  حيث استقروا في منازله التقليدية، وغيروا وظيفتها إلى استوديوهات (مشاغل)، وبعد مرور عام أطلق عليه اسم "حي الفنانين" باعتراف المؤسسات المحلية والدولية. كما ساهم وجود استوديوهات الفنانين والعديد من الفعاليات الثقافية في المنطقة باكتشاف التراث المعماري والثقافي الغني للحي وأصبح مقصداً للسياح و لسكان المحليين، ولكن خلال سنوات الحرب في سورية، حدثت تغييرات سلبية مختلفة في الحي.

 

واعتمدت الدراسة في جمع المعلومات بشكل رئيسي على المقابلات مع العديد من الفنانين، و مديري الفنادق وأصحاب المتاجر في الحي، بالإضافة إلى مراجعة الأدبيات، والتشاور مع الخرائط والمخططات والمراقبة الميدانية، حيث ساعدت نتائج الدراسة في فهم هذا النموذج من التنمية الحضرية ومحاولة وضع توصيات للتنمية المتكاملة وإدارة التراث في الحي.

وكشف البحث أن اختيار موقع إنشاء الاستديوهات والمعارض يعود بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار المنازل مقارنة بمناطق أخرى داخل المدينة القديمة مع طموح الفنانين بالحصول على مكان قريب من وسط المدينة أو داخل المدينة القديمة.

 

كما أتاح التجمع للفنانين الحصول على تجربة فريدة من خلال تواجدهم في البيوت التقليدية ذات الديكور الغني والتفاصيل المعمارية بالإضافة إلى وجود النباتات والمياه في مكان واحد في قلب المدينة القديمة مما يساعد على خلق جو مناسب للأعمال الفنية والإبداع، و شجع ذلك بعض الفنانين العودة للعمل في الفن والاستفادة من كونهم جزءاً من الإطار الجماعي ، حيث يتيح هذا الوضع الحوار والتنافس الإبداعي بين الفنانين، مما يدفع الإنتاج الفني إلى الأمام.

 

كما بينت نتائج الدراسة بأن  المنطقة بدأت بالتحول من منطقة سكنية إلى منطقة ثقافية وسياحية ذات طابع خاص، وأصبحت عنصر جذب خاصة للفنانين (المحليين والعالميين) وساعدت في وضع المنطقة على الخريطة  السياحية بعد الاهتمام المتزايد بالسياحة وتقديم الخدمات الخاصة بها داخل الحي كما ساعدت هذه التغييرات على زيادة عدد الزوار والمارة لتصبح منطقة جاذبة  للسياح .

 

 



عداد الزوار / 778722856 /