تاريخنا الانساني وحكايات مجتمعاته .. في موسوعة شعوب وثقافات العالم بالاعتماد على أكثر من خمسة الاف مصدر ومرجع تاريخي وأثري موثق عالميا.


انجاز معرفي جديد وفريد تسجله سورية عبر باحث وأستاذ جامعي استطاع أن يحكي تاريخ الانسانية الذي يمتد ما يقارب المليوني سنة عبر موسوعة شاملة تناولت شعوب العالم وحضارتها منذ ظهور الانسان وحتى الحرب العالمية الأولى.
وفي تقديمه لهذه الموسوعة يقول المفكر العربي فراس السواح "وجدت فيها مجهودا جبارا يليق بلجنة من الاختصاصيين، لا بباحث شاب في أواسط الثلاثينات من العمر، وكتابة تاريخية حقيقية تعتمد الوثيقة ولا تخرج عنها قيد أنملة في جمع البيانات، ثم تستخدم الخيال من أجل الربط بينها وتفسيرها"
الموسوعة بأجزائها الستة استغرق انجازها عشر سنوات اعتمادا على أكثر من خمسة الاف مصدر ومرجع تاريخي نوعي وعلى نتائج البعثات الاثرية وعمليات التنقيب الاثري في معظم أنحاء العالم. بحسب ما أفاد به مؤلف الموسوعة الباحث الدكتور حسام حسن غازي الأستاذ في قسم الاثار بكلية الآداب والعلوم الانسانية في جامعة دمشق في حديثه لموقع "جامعة دمشق".
يقول المؤلف غازي" الموسوعة هي شعوب وثقافات وحضارات في العالم" تم العمل عليها  منذ بداية العام 2008 حتة نهاية 2018 وامتدت هذه الفترة  على مرحلتين المرحلة الاولى في فرنسا حتى نهاية العام 20013 والثانية من عام 2013 الى  2018وكانت في ذروة الازمة في سورية لافتا الى أنه  تم الاعتماد في تصنيف الموسوعة على الكرمولوجيا العالمية المتبعة في جامعات العالم بشكل علمي أكاديمي وتشمل مليوني سنة من تاريخ الظهور الأول للانسان والعثور على الهياكل العظمية الأولى حتى الحرب العالمية الاولى، حيث تم تجزئة هذه الفترة الى ستة أجزاء.    
ويضيف الباحث .. تم الانطلاقة بالموسوعة منذ شهرين وكانت المحطة الاولى بعد دمشق المعرض الدولي للكتاب في بغداد الذي أقيم في شهر كانون الاول  من العام الماضي 2020 حيث نالت الموسوعة اهتمام خاص من وزارة الثقافة العراقية ورواد المعرض واعتبروها انجاز عربي مهم .. وعلى أثر هذا النجاح الكبير الذي لاقته الموسوعة في بغداد تم التواصل معي من وسائل الاعلام العربية للحديث عن الموسوعة وقد أكدت بأن هذا العمل جاء من قلب العاصمة دمشق رغم كل الظروف التي تمر بها سورية  وأن السوريين قادرين على الانتاج في أحلك الظروف ومن يقرا هذه الموسوعة سيدرك جيداً أن سورية هي الأكثر مساهمة دوليا وعالميا  الصعيد الحضاري وبأنها مرت عبر العصور بظروف أصعب من تلك الظروف التي نعيشها الان ولكنها دائما تخرج منتصرة بعزيمة أبناءها.
وعن المصادر العلمية والمرجعية التي اعتمد فيها المؤلف في انجاز الموسوعة يقول غازي: تم انجاز الموسوعة بمجهود فردي  بالاعتماد على أكثر من 5000 مرجع بالإضافة الى تقارير التفتيش الصادرة عن البعثات الأثرية في جميع أصقاع العالم، وتم التواصل مع جامعات غربية، أبدت كامل الاستعداد لتقديم كافة التسهيلات للحصول على تلك المراجع ، مثل جامعات بوردو الاولى للعلوم والتكنولوجيا وبوردو الثالثة وباريس الاولى وجامعة السوربون وتولوز الثانية وجامعة بال السويسرية. حيث قدمت تلك الجامعات كافة التسهيلات للاطلاع على كافة المصادر والمراجع بعدة لغات بالإضافة الى الأساتذة الجامعيين في جامعات غربية الذين ذللوا  الكثير من العقبات أمام انجاز تلك الموسوعة وكانوا كما زملائي في سورية وفي جامعة دمشق الى جانبي خلال المرحلة الأولى بالخمس سنوات الاولى من انجاز هذه الموسوعة.

وعن هذه الأجزاء الستة يتحدث المؤلف قائلا: الكتاب الاول من الموسوعة  شامل لشعوب وثقافات العالم في العصر الحجري القديم أي "الصيادون الأوائل" وهي الفترة التي اعتمد فيها الانسان على الصيد والالتقاط كمستهلك سلبي لخيرات الطبيعة وهذه المدة اكتسب فيها الانسان المعارف الاولى وكانت ذروتها ظهور القرى الاولى عالمياً التي كانت باكورتها في المشرق العربي القديم أي في سورية، أما الكتاب الثاني فيشمل الفترة من 1000 سنة قبل الميلاد حتى 3200 أي لغاية اختراع الكتابة  وفيها ذروة عطاء الانسان ما قبل التاريخ فيها ظهرت المدن الأولى بعد أن تطورت القرى بشكل تدريجي وترسخت المفاهيم الاجتماعية وظهور العقائد الاولى وتكريس سلطة العبد كبداية في تاريخ الانساني وانتقال الانسان من مستهلك سلبي الى مستهلك ايجابي مع اختراع الزراعة وكان ظهورها الاول أيضاً في سورية وهذا دليل على أن هذه المنطقة كانت منطقة تفاعل حضاري وثقافي على الصعيد العالمي.  
ويضيف المؤلف. الجزء  الثالث يشمل شعوب وثقافات العالم خلال عصري البرونز والحديد أي من اختراع الكتابة حتى نهاية عصر الحديد التي تتفاوت عالمياً  نهايته بين منطقة وأخرى ،والمنطقة الاكثر تفاعلا على الصعيد العالمي بلاد الشام بالإضافة الى بلاد الرافدين والحضارات السومرية والبابلية والاشورية والفينيقية والآرامية وهذا التاريخ الطويل عمّ عطاءه الحضاري معظم مناطق العالم. في حين تناول  الجزء الرابع شعوب وثقافات العالم من نهاية عصر الحديد حتى قيام الامبراطورية الرومانية الشرقية أي نحو 330 قبل الميلاد وإعلان الدولة البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية ،حيث يشمل العالم الاغريقي والعالم الروماني بالإضافة الى منطقة المشرق التي كانت لها أهمية كبيرة كما يشمل أجزاء من الهند والشرق والصين واليابان بالإضافة الى القارة الاوربية كشعوب مختلفة.
وتابع المؤلف ..بالنسبة الى الجزء الخامس فقد تناول العالمين المسيحي والاسلامي بالإضافة الى الشرق الاقصى والهند والصين واليابان، وكان مرحلة التأسيس للشكل الحالي في العالم من حيث الدول والتقسيمات والتأسيس الاول للمرحلة وهذا الجزء شامل للعالم بكامله كما الاجزاء الاخرى موضحا بأن الاجزاء الخمسة الأولى من الموسوعة شملت مناطق التفاعل الحضاري عالميا التي أوصلتنا لما نحن فيه من رقي وتطور، ولكن توجد أجزاء وأطراف من العالم منعزلة منذ عصور ما قبل التاريخ  حتى الآن "الشعوب البدائية" مازالت تعيش بمستوى ثقافي مشابه للعصور ما قبل التاريخ من حيث العادات والعقائد والتقاليد وقد حافظت تلك الشعوب على استقلالها وتطورها بشكل مستقل بعيد عن التفاعلات الثقافية.
ويوضح المؤلف بأن هذه الشعوب توجد حالياً في أربع مناطق عالمياً  الاولى  في افريقيا السوداء وهي قلب القارة الافريقية، والثانية بقايا الهنود الحمر والسكان الاصليين للقارة الامريكية الذي كان لهم تاريخ حافل في القارة الامريكية والين أسسوا قبل دخول الأوربيين الى القارة الامريكية، وأما المنطقة الثالثة هي جزء من القارة الاوقيانية وبعض مناطق الهند والشرق الأقصى ، وأما المنطقة الرابعة فهي القطبية الشمالية وتشمل الاسكيمو والتانجوس والذين يعيشون حتى الان في نمط حياة بدائي.
ويشير المؤلف الى طباعة الف نسخة من الموسوعة استهلكت جميعها في العراق  وسيتم طباعة الموسوعة للمرة الثانية في إطار التحضير لمعرض الشارقة الدولي بعد الرواج الكبير الذي لاقته في العالم العربي مؤكدا بأن الموسوعة رسالة تحدي لكل من ظلم سورية وحاول تدمير حضارتها وتراثها وهي رسالة إصرار على أن السوريين مستمرين بالعطاء وبأنهم فاعلين دوليين والشاهد على  ذلك هذه الموسوعة الصادرة من نبض العاصمة دمشق.
 واختتم المؤلف غازي حديثه بتوجيه الشكر لجامعة دمشق التي أعطته الحافز الأكبر لإنجاز هذه الموسوعة ولزملائه في سورية وفي الجامعات الغربية الذين قدموا له التسهيلات للاطلاع على المصادر والمراجع الخاصة بإنجاز هذا العمل، كما قدم الشكر المفكر العربي فراس السواح  الذي قدم لهذا العمل وأثنى عليه.