واقع الأيتام في مدينة دمشق أوائل القرن التاسع عشر.. دراسة أكاديمية بجامعة دمشق

تعد قضية الأيتام من القضايا المهمة في حياة البشر لكونها تقرر مصير الكثير من العائلات، وفقدان الطفل لأحد أبويه يترتب عليه تأثرات سلبية وخطيرة على شخصيته مع مرور الوقت وتولد الشعور لديه بعدم الأمان والاستقرار في حياته.

وفي هذا الإطار تناولت دراسة أكاديمية  بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ قسم التاريخ ـ بجامعة دمشق موضوع الأيتام القاصرين بمدينة دمشق في الفترة التاريخية الممتدة من 1900 ـ 1918، عالجت هذه الدراسة أبرز الحالات التي عاش فيها الأيتام القاصرون مثل الحضانة للمرأة الأم وغير الأم والوصاية للمرأة والرجل.
استندت الدراسة إلى قراءة وثائق المحاكم الشرعية وتحليلها، واستخلاص المعلومات منها فيما يخص أيتام مدينة دمشق خلال هذه الفترة استناداً إلى 44 سجلاً من سجلات المحاكم الشرعية في دمشق، وهدفت إلى التعرف فيما إذا حصل الأيتام خلال هذه الفترة على حقوقهم الكاملة وكيف تعامل المجتمع مع هؤلاء الأيتام في فترة الحكم العثماني مادياً واجتماعياً وطرائق حفظ هذه الحقوق، والدور الذي أدته المحاكم الشرعية وكيفية تعامل صندوق مال الأيتام مع أموالهم المودعة.

وأظهرت نتائج الدراسة التي اعتمدت المنهج التاريخي والاستنتاجي والتحليلي أن الوصاية للغرباء كانت تدل على حالة الترابط الاجتماعي والثقافي بين سكان المدينة، وقد عاش أيتام مدينة دمشق فترة زمنية ليست بالقليلة وفق نظامي الحضانة والوصاية، وكان العامل المادي هو الشغل الشاغل لمن قام بحضانتهم أو وصايتهم، حيث استفاد بعض الأوصياء من موضوع الوصاية والنفقة وحققوا أرباح معينة منها، وبالمقابل حقق البعض منهم مورداً مادياً للقاصرين الأيتام لبقية حياتهم.

 وبما يخص النفقة المسجلة للأم كانت نتيجة تبعات عدم التوافق بين أهل الزوج المتوفى والأم، لذلك كان الجد للأب يطالب بعد انتهاء مدة الحضانة برفع النفقة وأن يعيش الأطفال في كنف الأسرة. وكشفت الدراسة أن وصاية الأيتام للغرباء بدل الأسرة يعود إلى عجز أفرادها عن تربية الأطفال والإنفاق عليهم.

 وأشارت نتائج الدراسة إلى أن الرغبة في الاستفادة من مال القاصرين لأغراض المعيشة كانت الأكثر شيوعاً في تلك الفترة، وكان لتدخل صندوق مال الأيتام تأثير إيجابي في حفظ مالهم وتدويره، حيث استفادت الدولة منه مباشرة، كما ساهم الصندوق بتحصيل الأيتام ملكية دور وعقارات من مالهم.