الطواحين المائية في سورية بجوانبها المعمارية والتشغيلية ودورها الخدمي في الحصول على المواد المطحونة.. دراسة علمية بجامعة دمشق

 

تعتبر الطواحين المائية التي تعتمد الطاقة المائية البديلة عن جهد الإنسان والحيوان الجسدي، من أهم العمائر الخدمية التي ساعدت الإنسان على تذليل مشاق الحصول على المواد المطحونة.

 ونظراً لندرة الدراسات الأثرية حول تلك العمائر الهامة في سورية، واقتصرت على وصف عماراتها الخارجية فقط، أنجزت في قسم الآثار بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق دراسة تناولت تلك العمائر بجوانبها المعمارية والتشغيلية من حيث تبيان أصناف عمارتها وأنماط تشغيلها وإدارتها، وكيف اعتمدت الطواحين المائية في تشغيلها؟ وتم خلال الدراسة التعرف على تقنيات تشغيلها التي كان للمهندس السوري دور هام في تطورها وإضافة مجموعة من التقنيات المعمارية في سبيل ديمومة عملها.

وأظهرت الدراسة أن مهندسي المرافق المائية اعتمدوا العديد من الوسائل والمشيدات التي تعمل على تجميع وتخزين وتسريع جريان الماء إلى عجلات التدوير، والتي تباين فيما بين الجبية والجغلية وغيرها من الأنماط، وبالتالي يلاحظ تأثير عامل البعد والقرب المائي على تشييد هذه العمائر.

 كما بينت الدراسة لجوء هؤلاء المهندسين إلى أسلوب تسوية وتنعيم قنوات جر المياه لتسهيل عملية الحصر والجريان والدفق المائي من خلال تسوية سطوح القنوات الداخلية بتغشيتها بعجينة النورة المكونة من مزيج الكلس وزيت الزيتون والقطن، مما يمنع حدوث أي تسربات مائية، وطليها بالمواد الشحمية بعد تسويتها وإزالة العوائق بغية إيصال الماء بالكميات المطلوبة.

 كما أشارت الدراسة إلى صغر حجم مبنى المطاحن المدارة بواسطة قناة الجر مقارنة مع حجم الطاحونة المدارة بواسطة دولاب الجغل، مما يؤكد اختلاف وظيفتها، حيث عدت منتجات الطواحين الصغيرة رافداً أساسياً في تلبية احتياجات سكان القرية المشيدة بها هذا النوع من الطواحين، في حين كان إنتاج الطواحين ذات العجلة العمودية بالمواد المطحونة أضعاف مضاعفة، فكانت بمثابة منشآت خدمية ذات طابع تجاري، تم الاستفادة منها في عمليات التبادل والتصدير.

كما كشفت الدراسة التي اعتمدت المنهج التاريخي بأسلوب تحليلي، والوصف والمقارنة بين أنماط التشغيل المختلفة للمطاحن، أن الطواحين المدارة بواسطة العجلة العمودية، استغنت عن الإضافات المعمارية معتمدة على قوة الماء الواصل إلى الدواليب المصطدمة بها بشكل مباشر، واعتبرت العجلات ذات تركيب معقد بحيث احتاجت لنواقل حركة كمحاور عمودية لنقل الحركة من الدولاب المائي إلى حجر الرحى.

 

  وأشارت نتائج الدراسة أن المهندسين اعتمدوا أنماط مختلفة من أدوات الإعاقة للحد من تدفق المياه والتحكم بسرعة دوران الرحي، من خلال استخدام بئر البطال كما في طاحونة منجك في دمشق، أو من خلال استخدام أحجار الإعاقة التي كانت توضع في مجرى الأقنية كما في طاحونة الغيضة وطاحونة عُرمان في السويداء، وكذلك من خلال الأبواب المتحركة التي يتم التحكم بها من داخل الطاحونة وذلك بإنزال لوح خشبي أو معدني ضمن المجرى المائي المائل كما في الطاحونة الجغلية.

 



عداد الزوار / 904910511 /