تعد قيم المواطنة واحـدة مـن أكثـر القـيم القانونيـة، والاجتماعيـة، والثقافيـة، والسياسـية، والأخلاقية التــي تحتــاج إليهــا المجتمعــات العربيــة، وقد نالــت اهتمامــاً كبيــراً مــن التربــويين لمــا تلعبه مــن دور أساســي فــي إعــداد، وبنــاء المــواطن الصــالح ذي الشخصــية القيميــة المتوازنــة. ولذلك تســعى المؤسســات التربوية إلى إكساب قيم المواطنة، وتنميتها لدى الطلبـة مـن خلال تكامـل مكوناتهـا المتعـددة (مدرسـين، بـــرامج وأنشـــطة، ومنـــاهج دراســـية، وإدارات تربويـــة).
وتعـــد عمليـــة تـــدريس قـــيم المواطنـــة، وتنميتهـــا مـــن الأهــداف الرئيســـة التـــي تســـعى الجامعـــات، والكليـــات إلـــى تحقيقهــا مـــن خـــلال تضـــمين هـذه القـــيم فـــي محتـــوى المناهج الدراسـية فـي كليـات التربيـة، ومن هنا جاء البحث الحالي الذي أعده الباحث الأستاذ الدكتور محمد تركو لتحديــد قــيم المواطنــة القانونيــة، السياســية، والمجتمعيــة الواجــب توافرها فــي منــاهج كليــة التربيــة بجامعــة دمشق من خلال تعرف وجهات نظر أعضاء الهيئة التدريسية حول القيم القانونية، والسياسية، والمجتمعية للمواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية بجامعة دمشق.
وتنبع أهمية البحث من خلال عدة نقاط أوضحها الباحث تتمثل بأهمية البعد القيمي لمناهج كلية التربية في تنمية المواطنة، وتدريسها، وتحقيق أهدافها وأهمية تطوير أساليب تنظيم المناهج التعليمية قي كليات التربية، بالتخطيط لتعليمها وتنفيذها، وتقويمها بشكل يضع لقيم المواطنة أهدافاً رئيسة. إمكانية الاستفادة من البحث، ونتائجه لكل من أعضاء الهيئة التدريسية، والطلبة والجهات المعنية بمجال قيم المواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية وذلك من خلال تعرف مفاهيم القيم القانونية، والسياسية، والمجتمعية للمواطنة، وتحديد نقاط القوة، والضعف في مدى توافرها في هذه المناهج
.
وحدد الباحث أهداف البحث المتمثلة في:
- تعرف القيم القانونية للمواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية في جامعة دمشق من وجهة نظر أعضاء الهيئة التدريسية.
- تعرف القيم السياسية للمواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية في جامعة دمشق من وجهة نظر أعضاء الهيئة التدريسية
- تعرف القيم المجتمعية للمواطنة الواجب.
- تعرف الفروق بين وجهات نظر أعضاء الهيئة التدريسية حول قيم المواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية بجامعة دمشق تبعاً لمتغيرات الدراسة (المؤهل العلمي- الاختصاص سنوات الخبرة.)
واتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي، واستخدم استبانة لتحقيق الهدف من البحث، التي طبقت على عينة من أعضاء الهيئة التدريسية في كلية التربية بجامعة دمشق بلغ عددهم (51) بنسبة %43 من المجتمع الأصلي.
وتوصل الباحث إلى أن إجابات أعضاء الهيئة التدريسية تراوحت بين أوافق بشدة، وأوافق على القيم القانونية، والسياسية، والمجتمعية للمواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية بجامعة دمشق، ولا سيما القيم المتمثلة في قيم الحقوق، والواجبات القانونية، وتعزيز قيم الديمقراطية، وتقدير الشهادة، والشهداء، واحترام معتقدات الآخرين الدينية، والبعد عن التمييز بجميع أشكاله، العرقية، والدينية، وعدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات إجابات أعضاء الهيئة التدريسية حول قيم المواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية بجامعة دمشق تبعاً لمتغير الاختصاص، والمؤهل العلمي، وسنوات الخبرة.
واقترح الباحث إعادة النظر في بنية مناهج كلية التربية بجامعة دمشق، وتطويرها بما يسهم في تنمية القيم القانونية، والسياسية، والمجتمعية للمواطنة لدى الطلبة، والأخذ بآراء أعضاء الهيئة التدريسية حول قيم المواطنة الواجب توافرها في مناهج كليات التربية عامةً، وكلية التربية بدمشق خاصةً لما لها من أهمية في بناء، وتطوير هذه المناهج لتقوم بأدوارها بإعداد الطلبة المتمثلين للقيم القانونية، والسياسية، والمجتمعية للمواطنة بكفاءة، وفاعلية.
وركز الباحث على دور كليات التربية في تنمية قيم المواطنة من خلال دورها في خلق مناخ، أو بيئة تعليمية تعلمية مناسبة تشجع الطلبة على اكتساب قيم معينة مثل تعزيز شعور الفرد بالانتماء إلى مجتمعه، وقيمه، ونظامه، وبيئته، وثقافته ليرتقي بهذا الشعور إلى حد تشبع الفرد بثقافة الانتماء، وأن يتمثل ذلك في سلوكه، وفي دفاعه عن قيم وطنه، وتفاعله إيجابياً مع أفراده بشكل يسهم في تكوين مواطنين صالحين متمكنين من الحكم على ما يعترضهم داخل مجتمعهم وخارجه. ويتحدد هذا الدور من خلال أستاذ الجامعة الذي يجب أن يكون قدوة حسنة أمام الطلبة، وقيامه بدور المربي الفاضل الذي تتجسد في شخصيته تلك القيم، ويكون أقرب إلى الديمقراطية، بمحافظته على علاقات ودية بينه، وبين الطلبة يحترمهم، ويسمح لهم بالتعبير عن رأيهم بحرية.
وتلعب الأنشطة الطلابية دوراً مهماً، وبارزاً في تنمية قيم المواطنة في الكليات من خلال تجسيد روح التعاون، والعمل التطوعي، والتسامح، والعدل، والمساواة، والمشاركة. وقبل ذلك يأتي دور المقررات، والخطط الدراسية في تنمية قيم المواطنة بما تتضمنه من محتوى معرفي ومواقف تسهم إسهاماً كبيراً في هذا الجانب، إن غرس، وإدراج ثقافة المواطنة وقيمها في المنظومة التعليمية يتطلب أفقاً زمنياً طويل الأمد حتى تؤتي أكلها، وتنضج ثمارها، وهي في جميع الحالات في حاجة إلى التكامل، والتواصل المستمرين مع مؤسسات المجتمع الأخرى.
وأشار الباحث إلى الشروط الواجب مراعاتها في المناهج الجامعية والمقررات الدراسية، لتنمية قيم لمواطنة لدى الطلبة والتي تتمثل في: اعتماد التعليم التعاوني لما يوفره من تفاعل اجتماعي يؤدي إلى اكتساب القيم المواءمة بين الخبرات العلمية، ومرحلة النمو الأخلاقي للشباب الجامعي، أن ترتبط بحياة الطلاب ومشكلات المجتمع والبيئة، أن تنمي الأحكام القيمية الإنسانية لدى الطلاب، أن تركز على روح المواطنة والانتماء وحرية التفكير والإبداع، وأن تستهدف إعداد الطالب للمستقبل أكاديمياً، ومهنياً، وثقافياً، وقيمياً.
واستخلص الباحث عدة نتائج إن غالبية أعضاء الهيئة التدريسية يوافقون بشدة على القيم القانونية للمواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية بجامعة دمشق، ولاسيما القيم المتمثلة في قيم الحقوق، الواجبات لقانونية مثل: الحق في حماية الحياة، والحق في قضاء عادل، والمساواة أمام القانون، وتكافؤ الفرص، إضافةً إلى قيم واجب احترام القواعد القانوني، وواجب احترام معتقدات الآخرين، ودور العبادة، ومحاربة الفساد.
إن إجابات أعضاء الهيئة التدريسية تراوحت في شدتها بين: أوافق بشدة، وأوافق على القيم السياسية للمواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية بجامعة دمشق المتمثلة في قيم التعددية السياسية، والمشاركة في الحياة السياسية، وتعزيز قيم الديمقراطية، والتضحية في سبيل الوطن، وتقدير الشهادة والشهداء، والاعتزاز بالرموز الوطنية، وتعزيز قيم الانتماء، والولاء للوطن ونبذ العنف.
وتراوحت إجابات أعضاء الهيئة التدريسية بين درجتي، أوافق بشدة، وأوافق على القيم المجتمعية للمواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية بجامعة دمشق، ولاسيما القيم المتمثلة في قيم الصدق، والأمانة، والتسامح، والاعتدال، والعيش المشترك، وقيم التعاون، والتضامن الاجتماعي، واحترام عادات، وتقاليد المجتمع، والعمل التطوعي، وتحمل المسؤولية، والانفتاح على الثقافات المتنوعة في المجتمع، واحترام معتقدات الآخرين الدينية والبعد عن التمييز بجميع أشكاله العرقية، والدينية، والمشاركة في منظمات المجتمع المدني. وعدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات درجات إجابات أعضاء الهيئة التدريسية حول قيم المواطنة الواجب توافرها في مناهج كلية التربية بجامعة دمشق تبعاً لمتغير الاختصاص، والمؤهل العلمي، وسنوات الخبرة.
وتوصل الباحث في بحثه الى عدة مقترحات تتمثل في إعادة النظر في بنية مناهج كلية التربية بجامعة دمشق، وتطويرها بما يسهم في تنمية القيم القانونية للمواطنة لدى الطلبة لما لها من أهمية في بناء الطالب المواطن المدرك لحقوقه، وواجباته الوطنية.وتعزيز الدور السياسي للمناهج في كلية التربية، وتضمينه القيم السياسية المناسبة لبناء مواطن يؤمن ويتمثل قيم التضحية، وتقدير الشهداء، مواطن ديمقراطي يمتلك ثقافة الحوار، وينبذ العنف، ويشارك في الحياة السياسية، ويؤمن بتعددية الحياة السياسية.
كما أوصى الباحث بضرورة تفعيل الدور المجتمعي لمناهج كلية التربية بجامعة دمشق من خلال التخطيط، وتضمين أنشطة، وفعاليات قائمة على قيام الطلبة بمهمات اجتماعية يكتسبون من خلالها قيماً مجتمعية عديدة مثل المشاركة والعمل الجماعي التطوعي، والاتصال مع الآخرين في المجتمع، وتحمل المسؤولية بصدق، وأمانة، والأخذ بآراء أعضاء الهيئة التدريسية في كلية التربية بجامعة دمشق حول قيم المواطنة الواجب توافرها في مناهج كليات التربية عامةً، وكلية التربية بدمشق خاصةً، لما لها من أهمية في بناء هذه المناهج وتطويرها لتقوم بأدوارها في إعداد الطلبة المتمثلين للقيم القانونية، والسياسية، والمجتمعية للمواطنة بكفاءة وفاعلية.
Damascus University @ 2024 by SyrianMonster | All Rights Reserved