المعماري البريطاني رودجرز يحاضر بجامعة دمشق حول العمارة والمدينة ذات البنية عالية الكثافة والتنوع

ألقى المهندس المعماري البريطاني ريتشارد رودوجرز في الرابع والعشرين من أيار على مدرج كلية الهندسة المدنية بجامعة دمشق محاضرة حول  آفاق تحقيق استدامة التطوير العمراني والمعماري في المدن ذات البنية عالية الكثافة والتنوع.
واستعرض رودجرز تجارب عدد من مدن العالم في إبداع التصاميم الهندسية للأبنية وإتقان إنجازها والتخطيط المدروس الذي يأخذ على عاتقه المسؤولية الاجتماعية من خلال تقديم خدمات ذات جودة عالية للمجتمع في المجالات كافة.
وأشار رودجرز خلال عرضه تجربة مدينة كوبنهاغن وتخطيطها العمراني الذي ارتكز على العلاقة بين المبنى والمكان والفراغ إلى ضرورة العمل على تحقيق مفهوم المدينة المدمجة والمتكاملة والصديقة للبيئة في جميع المدن ذات الكثافة السكانية العالية من خلال ادماج العناصر العمرانية القديمة مع الحديثة وايجاد شبكة اتصال جيدة تعتمد على وسائل النقل الجماعي وإعطاء الأبنية لمسة فنية وجمالية تشجع القاطنين والسياح على السير على الأقدام والتقليل من استخدام وسائل النقل للحفاظ على بيئة نظيفة خالية الانبعاثات الغازية.
وأوضح رودجرز أن تصميم مدينة كوبنهاغن جعلها مدينة حضارية ذات حيز عام جيد وجعل30 بالمئة من سكانها يذهبون إلى الأماكن العامة عبر الدراجات أو الحافلات العامة أو سيرا على الأقدام لافتا إلى جمالية تصميم مركز جورج بومبيدو الشهير في باريس ذي الشكل الطولي والحيز العام الذى يعتبر امتداد أفقي للمبنى ما يجعل الناس ينظرون عبر الأدراج والسلالم بشكل ثلاثى الأبعاد ويستمتعون بذلك.
وقال: إن ميثاق العمل فى فن العمارة هو جزء من المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتق المهندسين المعماريين من خلال دفع الضرائب المترتبة عليهم وتقديم الأعمال العامة للمجتمع ومساعدة الجمعيات الخيرية والتركيز على جودة الحياة في المدن لافتا الى ضرورة الاستفادة من ثورة المعلومات والتقنيات مثل الانترنت في التواصل والتعلم والاستفادة من ثقافات البلدان الأخرى.
وأشار رودجرز إلى أن سكان العالم فى عام 2050 من المتوقع أن يصبح 80 بالمئة منهم من سكان المدن بينما كانت نسبتهم قبل مئة عام نحو 10 بالمئة فقط وقال: يجب ان نشجع السير على الإقدام والركوب في حافلات النقل العام من خلال تصميم المدن المدمجة والمكثفة ذات المزايا المتعددة.
ودعا خلال عرض تجربة مدينة فلورنسا إلى زيادة الرقع الخضراء داخل وخارج المدن أثناء إنجاز المخططات التنظيمية والاستفادة من الأماكن الفارغة وغير المستعملة داخل المدن بطريقة هندسية تناسب المتعة والتنزه واستخدام مصادر الطاقات المتجددة للحد من التلوث البيئي.
وأضاف أنه يجب الحفاظ على الحزام الأخضر للمدن وعدم تدميره عند بنائها أو التوسع في مخططاتها والحفاظ على نسيجها وعدم إعادة تنظيمها بشكل جديد كليا وضرورة ترك الريف للاستمتاع والراحة وقال إن المدينة تشبه إلى حد كبير جسم الإنسان حيث تكون الخلايا فيها عبارة عن شبكة المواصلات التي تجعلها مرتبطة ببعضها البعض بشكل جيد عن طريق خطوط النقل العام.
وقدم رودجرز عرضاً حول مدينة مانشستر البريطانية التي كانت قلب الثورة الصناعية قبل 250 سنة أجزائها التى تم تطويرها مؤخرا مبينا أنه تم إزالة أربعة من أصل خمسة مبان وإعادة بنائها.
وقال رودجرز هناك مسائل تتعلق بالتغير المناخي فليس لدينا سوى فترة قصيرة جدا لنتغلب على التغير المناخى وتبعاته السيئة على كوكب الارض الواجب علينا حمايته مضيفا أن 75 بالمئة من التلوث العالمى سببه الأبنية ووسائل النقل الأمر الذي يفرض علينا استخدم الطاقات المتجددة النظيفة من الشمس والرياح وغيرها والحد من تلوث كوكب الأرض.
ورأى أن الهدف الرئيسي الذى يجب العمل من أجله هو تخفيف غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 80 بالمئة بحلول العام 2050 مبينا أن الأنظمة الحيوية للعالم عبر ملايين السنين تتدهور جراء عمليات قطع الأشجار وتصحر الأراضي.
كما قدم رودجرز عرضا حول أنظمة التكييف المتبعة فى مبنى برلمان ويلز التى تعتمد على طرق التهوية الطبيعية اضافة الى كيفية تحقيق الكفاءة الطاقية وتوفير الطاقة والحفاظ عليها فى الاماكن العامة و البيئة النظيفة المحيطة في المبنى وقال: إن هناك رسالة قوية في مبنى البرلمان البريطاني وهي كيف يمكن أن تدار الأمور لإصدار التشريعات البيئية.
ولفت رودجرز إلى ضرورة ان يعرف مهندسو البناء في أي مدينة كيفية واسلوب التعامل مع الحرارة والبرودة وحالة الجو فيها عند تصميم ذلك البناء او وضع أي مخطط مستقبلى لتلك المدينة إضافة إلى ضرورة الاستخدام الكفؤ للتكنولوجيا و مبدأى المرونة والشفافية والاحساس بالمكان في التصاميم المعمارية وموضوع الاستدامة البيئية.

وبين أهمية استخدام الألوان المتنوعة في الأبنية بحيث تتناسب مع محيطها الخارجي بما يعطي للمكان بهجة خاصة تجعل الزائر يمضى وقتا أطول فيها ويستدل على الأماكن من خلال الألوان وليس فقط عبر الأسماء كما هو مستخدم في مطار مدريد.
ولفت رودجرز خلال عرض تجربته فى مدينة بيروت إلى جمالية تصاميم المدن فى الشرق الأوسط عند المزج بين البناء القديم والحديث والذي يعطى انطباعا على أنه حوار بين الماضي والحاضر.
ويعد اللورد رودجرز من أعلام العمارة الحديثة في العالم فهو صاحب تصميم مركز جورج بومبيدو الشهير في باريس ومبنى لويد بلندن كما شارك بتصميم قبة الألفية في بريطانيا وعمل كبير المستشارين العمرانيين لعمدة لندن وعمدة برشلونة واختير مكتبه الهندسي عام 2006 لتصميم البرج الثالث فى مركز التجارة العالمية الجديد في نيويورك ونال العديد من الأوسمة والجوائز العالمية ووضع أكثر من مئة توصية ليهتدى بها مصممو مدن المستقبل.
وخلال ترحيبه باللورد رودجرز آمل الدكتور وائل معلا رئيس جامعة دمشق أن يشكل تواجده في سورية فرصة للاستفادة من خبرته الكبيرة في التطوير العمراني والتنمية المستدامة لمدننا خاصة وأن سورية تعيش مرحلة تنمية شاملة ووعي كبير بأهمية التخطيط العمراني والتطوير المديني .


 

حضر المحاضرة وزراء التعليم العالي والإسكان والتعمير والإدارة المحلية وشؤون رئاسة الجمهورية وشؤون البيئة وأمين فرع الحزب لجامعة دمشق ومحافظو دمشق وريف دمشق وحمص والقنيطرة ودرعا وحشد من الأساتذة و الطلبة والمهتمين.



عداد الزوار / 774334009 /