تأثير أضداد الدرق المناعية الذاتية على نتائج الإخصاب المساعد في المختبر: دراسة اسْتِعاديّة

يشكّل العقم مشكلة متزايدة في الأهمية لكلّ من الأزواج والأطباء، فالإنجاب يحتاج إلى سلامة كلّ من الجهازين المناعي والغدّي على حدٍّ سواء. ومنذ إدخاله عام 1978، بقي الإخصاب في المختبر ونقل الأجنّة (IVF-ET) التقنيّة الأكثر استخداماً من تقنيّات الإخصاب المساعد، مترافقةً مع نسب نجاح متزايدة، تمّ استقصاء علاقة المناعة الدّرقيّة الذاتية مع عواقب الحمل غير المرغوبة في كلّ أثلاث الحمل مثل فشل التعشيش، والإسقاطات المتكرِّرة، والمشيمة المنزاحة، والولادة المبكِّرة، بالإضافة إلى زيادة خطر الوفيّات ما حول الولادة.

 

وبذلك، تعدّ المناعة الدّرقيّة الذّاتيّة أكثر انتشاراً بين النساء المراجعات لعيادات الخصوبة بالمقارنة مع المجتمع العام. ولكن ما تزال العلاقة بين وجود الـ TAI والعقم غير واضحة. 

 

 وفي هذا السياق أجريت دراسة حشدية استعاديّة بالتشارك بين كلية الطب البشري بجامعة دمشق ومستشفى الشرق بدمشق على قاعدة البيانات المُحوسبة في وحدة الإخصاب المساعد في مستشفى الشرق.

 

وتعد هذه الدّراسة الأولى في سورية التي تستقصي المناعة الدّرقية الذاتية في النساء الخاضعات للإخصاب المساعد وتهدف إلى دراسة تأثير إيجابية أضداد الدرق المناعية الذاتية عند هؤلاء النسوة على نتائج الإخصاب في المختبر،متضمنة نسبة الحمل السريري كنتيجة أوليّة.

 

تم خلال الدراسة تحليل بيانات 584 امرأة خضعن لـ 954 حالة إخصاب في المختبر/حقن النطفة ضمن الهيولى (IVF/ICSI) بين تشرين الثاني 2012 ونيسان 2017، وكانت الوظيفة الدرقية متضمِّنة أضداد البيروكسيداز الدَّرقي الصُّغروي anti-TPO وأضداد الغلوبيولين الدرقي anti-Tg والهرمون المحفِّز للدرق TSH، مطلوبة من قبل الطبيب المحوِّل قبل بدء تحريض الإباضة.

 

جرى استبعاد جميع النِّساء اللَّواتي لديهنَّ عامل خطورة مستقل للاختلاطات الحمليّة، مثل التشوّهات الرحميّة، الأمراض الجهازية (السُكَّري، الذئبة الحمامية الجهازية)، الاضطرابات الغدّيّة مثل (اضطرابات الهرمون المحفِّز للدرق، والهرمون الملوتن خلال الطور الجريبي الباكر)، والنّساء الذين أجرين إجهاضاً محفَّزاً باختيارهنّ، بالإضافة إلى النّساء المصابات باضطرابات الخُثار مثل متلازمة أضداد الفوسفوليبيد (أضداد الكارديوليبنين، ومضاد التخثّر الذِّئباني)، وعوز فعاليّة مضاد الثرومبين III و البروتين C والبروتين S.

 

 تمَّ معالجة النِّساء إمّا بالبرنامج الطويل لشادّات موجِّهات الأقناد GnRH أو مثبِّطات موجِّهات الأقناد GnRH لإجراء التّنظيم النّزلي النخامي، وأعطينَ إمّا موجِّهات الأقناد الإياسيّة البشرية أو الهرمون الحاث للجريب المأشوب من أجل تحريض الإباضة، بعد الدورة الطمثيّة. تمَّ عيار الجرعة تبعاً للاستجابة.

 

استُخدم الإيكو المهبلي بالمشاركة مع قياسات الإستراديول في الدم لتقييم الاستجابة المبيضيّة، وعندما وصل حجم ثلاث جريبات رائدة لـ 17 – 18 ملم، تمَّ إعطاء 10000 وحدة دوليّة من موجّهة الأقناد المشيميائيّة البشريّة (HCG)، سُحِبت البويضات بعد 35 – 36 ساعة بعد ذلك أُجري التلقيح ضمن الزّجاج باستخدام تقنيّة الـ ICSI. تمَّ إرجاع الأجنّة الموجّه بالأمواج فائقة الصّدى لثلاث أجنّة على الأكثر وذلك في طور الانقسام (اليوم الثّالث). دعم الطّور الأصفري تمَّ باستخدام البروجستيرون المهبلي المسحوق. أُكِّدت نتيجة الحمل السّريري بإيجابيّة الـ HCG في البول ووجود دليل لكيس الحمل باستخدام التصوير المهبلي فائق الصّدى.

 

وبنتيجة الدراسة كانت نسبة انتشار أمراض الدرق المناعية الذاتية 25.3% من المريضات الخاضعات للإخصاب في المختبر في المركز وبالمقابل، أثَّرت إيجابية أضداد الدرق المناعية الذاتية على نتائج الحمل عند حسابها لمجموعة العقم البدئي فقط دون وجود فرق مهم إحصائياً في نسب الحمل السريرية بين مجموعتي النساء إيجابيات وسلبيات المناعة الدرقية الذاتية ، علما بأن مستويات أضداد الـ TPO أثّرت على نسب الحمل السريرية وليس مستويات أضداد الـ TG.

 

وتأتي أهمية الدراسة كونه وعلى الرّغم من أنَّ العديد من الدِّراسات تصبّ بجانب وجود علاقة بين المناعة الدَّرقيّة الذَّاتيّة ونتائج الإخصاب في المختبر، فإن هذه  الدراسة استنتجت عدم تأثير هذه العلاقة بشكل سلبي على نتائج الحمل السريري، والّتي تشكِّل النَّتيجة الأهم للنساء الخاضعات للإخصاب المساعد ولأطبائهنّ بالإضافة إلى التأكيد على أهمية التوجّه السريري وذلك من أجل الاستعانة بالاستقصاءات الصحيحة دون تحميل المرضى أو المؤسسات الصحيّة أعباء ماديّة غير ضرورية.



عداد الزوار / 776125400 /