كلمة السيدة عميدة الكلية
كلمة عميدة كليّة الصّيدلة
 
لا أكاد أضيف جديداً إن تحدثت عن فضائل مهنة الصّيدلة وعن المواقع والأدوار الحيويّة التي يؤديها الصّيادلة في مجتمعاتهم والتي تتجلّى في تعدّد مهامهم كمقدمين للرعاية الصحيّة ومرابطين على الخطوط المتقدّمة، بل الأولى في كثيرٍ من الأحيان، لجميع المنظومات الصحيّة. لكنّني أضيف فأقول بأنّ صيادلة سورية على وجه الخصوص كانوا ولا يزالون صمّام أمنها وأمانها الدّوائيّ، إذ تمكّنت الصناعة الدّوائيّة الوطنيّة وأسهم صيادلة المجتمع في توفير الزّمر الدّوائيّة الأهم وتغطية السوق السوريّة بالغالبيّة العظمى من احتياجاتنا الدّوائيّة في ظلّ حصارٍ ظالم خانقٍ وعقوبات فرضت على شعبنا وبلدنا. كما يتبوأ الصيادلة في جامعاتنا السوريّة أساتذة وطلاب دراسات عليا مراتب متقدّمة في البحث العلمي والنّشر في دورياتٍ عالميّة مرموقة. 
يتعاظم اعتماد البشريّة هذا القرن على المعرفة واقتصادها ويمتاز بتطورات تمسّ جميع جوانب الحياة الإنسانيّة من النّواحي المعرفيّة والتكنولوجيّة والتّعليميّة فضلاً عن مهارات الحياة، الأمر الذي يتطلّب من المؤسسات التّعليميّة بشكلٍ عام، وتلك المقدّمة للتّعليم الصيدلانيّ بشكلٍ خاص، إعداد أجيالٍ جديدة من المتعلمين الذين يمتلكون المهارات اللازمة لاكتشافها واستعمالها والمشاركة في إغنائها كي لا نبقى مستهلكين لمنتجات المعرفة المصدرة إلينا من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.
واستجابةً لتنوّع الاختصاصات التي يمكن للصيادلة العمل في مجالاتها، تتصدى كليّة الصّيدلة في جامعة دمشق لمسؤوليّة الإعداد والتّأهيل المعرفي والمهاراتي المهني والحياتي للطلبة وصولاً إلى خريجين أكفاء وموائمين وقادرين على الاندماج في سوق العمل والتّأقلم مع متطلباته شديدة التّنافسيّة ومواكبة بيئة سريعة التغير وكثيرة التّعقيد، وينصبّ تركيزنا على إعادة تقييم الخطّة الدّرسيّة الحاليّة بهدف تحديثها بما يضمن إكساب طلابنا الجدارات والمهارات التّقليديّة منها والمستحدثة والتي تتيح لهم التعاطي مع التّحولات كافّةً والتّأقلم مع متطلبات القرن الحادي والعشرين، في ظلّ ظروفٍ معيقةٍ للتطوير حيث يقع بلدنا في عين إعصار الأزمات الاقتصاديّة والحروب والأوبئة.
كثيرةٌ هي مهارات القرن الحادي والعشرين وعابرةٌ للاختصاصات وأذكر منها الذّكاء العاطفي، التّفكير النّقدي، الإبداع والابتكار، التّعلم النّشط بعقليّة النّمو، اتخاذ القرارات، مهارات التّواصل، مهارات القيادة، التّنوع والذكاء الثقافي، مهارات التكنولوجيا، التّكيّف والمرونة للتّأقلم مع المتغيرات، التّفكير "خارج الصندوق" أي التّفكير بطرق لا تقليديّة.
من ناحيةٍ أخرى، يواجه التّعليم الصيدلانيّ كما تواجه مهنة الصّيدلة تحديات جمّة يأتي في طليعتها النّمطيّة والكثرة في أعداد الخريجين الذين تضخّهم كليات الصيدلة في سوق العمل المحلية وما تورده تقارير متواترة عن اندثار الصيدلة مهنةً قوامها تركيب الأدوية وصرفها، وتنامي دور الصيدلة السّريريّة التي تتطلّب خريجين بمواصفات فريدة ومختلفة الأمر الذي يقتضي منّا إعادة النّظر في المناهج والخطط الدّراسيّة.
 
كما أنّ بزوغ العلاجات الحيويّة الجزيئيّة (مثل لقاحات كورونا Corona) والأدوية البروتينيّة والخلويّة تتطلّب خريجين بمعارف وتقانات ومهارات جديدة تجعلهم الأقدر على مواكبة هذه التطورات من حيث تصميم الأدوية واختبارها في مراحل التّطوير المختلفة وصولاً إلى الدّراسات السّريريّة وإنتاج هذه الأدوية ومراقبة جودتها. وقد تجلّى هذا التّوجّه بافتتاح برنامجي الإجازة ومؤخّراً الماجستير في العلوم الطبيّة الحيويّة، وذلك بالتّعاون بين جامعة دمشق ممثلّة بكليّات الصّيدلة والطبّ والعلوم وهيئة التميّز والإبداع وبشراكات مع هيئتي الطّاقة الذّريّة والتّقانة الحيويّة، حيث يتلقّى الطلاب المنتسبون إليهما المعارف والتّدريب العملي في أحدث التّقانات الحديثة من علوم الوراثة والبيولوجيا الجزيئيّة والتقانة الحيويّة والكيمياء الحيويّة والأحياء الدقيقة والمناعة وغيرها من اختصاصات العصر. 
كما تعمل طواقم كليّة الصّيدلة بجامعة دمشق ولجنة الجودة في الكليّة، والتي تضمّ طيفاً واسعاً من المستفيدين الإداريين والأكاديميين والفنيين والطلبة ونقابة الصّيادلة فرع دمشق وممثلين عن خريجي الكليّة وخبراء في شؤون الجودة، على تلبية متطلبات الاعتماديّة الوطنيّة والعالميّة لبرنامج الإجازة في الصّيدلة، الأمر الذي يقتضي استنفار الهمم والعمل على الارتقاء بجودة العمليّة التّعليميّة والبحث العلمي والجوانب الإداريّة وخدمة المجتمع وإنجاز كلّ ما من شأنه رفعة شأن كليّة الصيدلة الأعرق في جامعات القطر والمنطقة.
وتتكامل المعارف والمهارات مع أخلاقيّات وآداب المهنة التي يتوجب علينا جميعاً أكاديميين ومهنيين أن نترجمها سلوكيّات وممارسات لحماية الصيدلة تعليماً ومهنة مرموقةً بجوانب إنسانيّة يًنظر إليها بكثيرٍ من القداسة.
أخيراً، إنّ التطوير سنّة الحياة وضرورةٌ من ضرورات البقاء، والدّعوة مفتوحةٌ للجميع، أعضاء هيئة تدريسيّة وكوادر فنيّة وإداريّة وطلاباً في المرحلتين الجامعيّة الأولى والدّراسات العليا، للمساهمة الفعّالة في تطوير كليّتنا ببرامجها المختلفة والمحافظة على مكانتها ودورها الرائد على مستوى القطر والمنطقة.

عميدة كليّة الصّيدلة
الدكتورة لمى يوسف، PhD
 


عداد الزوار / 1407749 /